الرئيسية لقاءات بيرزيت القانونية العدالة الانتقالية في جنوب أفريقيا: دروس و عبر للحالة الفلسطينية

العدالة الانتقالية في جنوب أفريقيا: دروس و عبر للحالة الفلسطينية

نظم معهد الحقوق في جامعة بيرزيت- مكتب غزة - بتاريخ 14 تشرين الأول 2014- بالشراكة مع مؤسسة كونراد اديناور لقاءً قانونياً بعنوان "العدالة الانتقالية في جنوب أفريقيا: دروس وعبر للحالة الفلسطينية".

تحدث فيه السيد/ يان هوفماير، رئيس برنامج السياسات و التحليل في معهد العدالة و المصالحة في جنوب أفريقيا، بحضور مدير مؤسسة كونراد أديناور السيد/ هانز هين، وبمشاركة نخبة من القانونيين والأكاديميين وممثلين عن مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الدولية.

استهل السيد/ هانز هين اللقاء بالتعريف بمؤسسة كونراد أديناور كمؤسسة ألمانية مقرها رام الله تدعم القضية الفلسطينية، مع التركيز على قضايا حقوق الإنسان، و أشار أن لديهم فروع أخرى في عواصم عربية عديدة كعمان و القاهرة، و قام بالتعريف بكل من المتحدث و بموضوع اللقاء.

ثم استهل المتحدث السيد/ يان هوفماير كلمته بالتعبير عن شعوره بالفخر والامتنان لتقاسم بعض من أفكاره وتجاربه عن كيفية انتقال جنوب افريقيا إلى الحكم الديمقراطي، والتي من الممكن أن يتم الاستفادة منها في فلسطين. بالإضافة إلى رغبته للاستماع والتعلم من التجارب التي حصلت في فلسطين وخاصة حول الأحداث المأساوية الأخيرة في غزة نتيجة العدوان الاسرائيلي. ثم تحدث عن مدينته كيب تاون، والتي تعد واحدة من أكبر الجاليات المسلمة في جنوب أفريقيا، والتي تأثرت كثيرا  بالمأساة الإنسانية التي حدثت آنذاك من تمييز عنصري قد عايشوه. وأضاف أن من أسباب اهتمامهم بالصراع الدائر في فلسطين هو مصطلح " الفصل العنصري " والذي قد استخدم لوصف سياسات إسرائيل وجها لوجه مع الشعب الفلسطيني، والذي قد شاع ذكره كثيراً من قبل الداعمين للقضية الفلسطينية في السنوات الأخيرة.

وأشار السيد هوفماير أنه على الرغم من أوجه التشابه بين التجربتين، فإن تاريخ وسياق هذه النضالات لم تكن هي نفسها، حيث أن وحشية التمييز العنصري في جنوب أفريقيا قد تضمنت انتهاكات لحقوق وكرامة الإنسان، وأن مواجهتها قد أخذت طابعا معينا، وأنه من الصعب المقارنة بين التجربتين بشكل كلي، حيث أن الصراع في فلسطين له طابع خاص يختلف عن الذي حصل في جنوب أفريقيا، وأنهم ينظرون إليه فقط من الخارج، ولم يعايشوه. وعلّق على أنه لحل أي نزاع يجب أن ينبع ذلك من القوى الداخلية، وبطرقهم الخاصة، وعدم فرض طرق ورؤى خارجية. وأن الهدف الأساسي من ذلك كله هو خلق مجتمع لا يعود إلى النزاعات. و تابع أنه في أعقاب عملية الانتقال السياسي في جنوب افريقيا، في التسعينيات، تم دعوة بعض المفاوضين الرئيسيين على جانبي المحادثات الانتقالية للحضور إلى فلسطين، على أمل أن يتمكنوا من المساهمة في عملية السلام، وتم الاستنتاج أن المصالحة يجب أن تكون محلية و تدعمها الثقة في العمليات والمؤسسات للوصول إلى توافق في الآراء.

كما أوضح أنه من المبكر الحديث عن مرحلة العدالة الانتقالية في فلسطين، بقدر ما يتعلق الأمر بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وأنه للوصول لمرحلة العدالة الانتقالية يجب الوصول لتسوية سلمية أولاً، وأن الركيزة الأساسية للعدالة الانتقالية هي مساندة الضحايا ومعاقبة مرتكبي الجرائم ضد هؤلاء الضحايا، بحيث يصبح الضحايا هم أول المستفيدين من العدالة الانتقالية، ورأى أن الوضع الحالي بين الأطراف المتنازعة في فلسطين هو قريب من الوصول لتسوية ما.

ثم انتقل للحديث عن العوامل التي سهلت الوصول للعدالة الانتقالية في جنوب أفريقيا، حيث اشار أن العامل الأول يتعلق بالظروف الخارجية، الخارجة عن تأثير الأحزاب المعارضة آنذاك، الأمر الذي جعل استمرار العداء المسلح مكلف للغاية سواء من المنظور الأخلاقي أو المادي، وأوضح أنه في نهاية الثمانينات من القرن الماضي كان هناك تحول جذري في النظام العالمي والذي أثر كثيراً على الملعب السياسي في جنوب أفريقيا، مثل سقوط جدار برلين وتفكك الاتحاد السوفياتي، وتابع أن العامل الثاني هو أن التشرذم والانقسام بين الأطراف المتنازعة، لم يكن بحجم كبير في السنوات التي سبقت التحول الديمقراطي في جنوب أفريقيا، وأما العامل الثالث فهو التوافق بين كافة الأحزاب الرئيسية الموجودة آنذاك حول الهدف من المفاوضات، وهو إنشاء دولة واحدة ديمقراطية غير عنصرية، وأما العامل الرابع والأهم، فهو القيادة الحكيمة على جانبي الانقسام السياسي والذي كان قادرا على الاستفادة من تلك الفرصة التاريخية لتحقيق السلام عندما سنحت، حيث كان كل من الرئيسين السابقين دي كليرك ونيلسون مانديلا أقوياء وقادرين على قراءة السياق العالمي المتغير، وعلى الاستمرار في المفاوضات، والعمل على تأسيس دستور مرحلي أو انتقالي، والذي أصبح في النهاية هو الدستور الأساسي.

اختتم اللقاء بطرح المداخلات والتوصيات من قبل الحضور والتي من أهمها أن الطريقة الوحيدة لتحقيق العدالة الانتقالية هو أخذ حقوق الضحايا ومحاسبة مرتكبي الجرائم، وإصدار عفو عام في حال الاعتراف بالجريمة، وذلك من خلال لجان للمصالحة ومن خلال الوصول لعملية تسوية دائمة.
    
      
المتكلمون
  1. السيد/ يان هوفماير، رئيس برنامج السياسات و التحليل في معهد العدالة و المصالحة في جنوب أفريقيا
  2. السيد/ هانز هين، مدير مؤسسة كونراد أديناور

مكان الإنعقاد
  غزة

تاريخ الإنعقاد
2014-10-14