تكمن النقطة التي ننطلق منها في دراسة المشكلة التي يستعرضها هذا المقال[1] في وجود ملا يقل عن نظامين قانونين من الحياة القانونية جنبًا إلى جنب وفي الوقت ذاته في فلسطين، وهما القوانين والأنظمة المقنَّنة، ونظام القضاء العشائري (غير النظامي) الذي يقوم في أساسه على الأعراف السائدة في أوساط المجتمع الفلسطيني. فما هي الأمكنة والأدوار التي يتبوأها هذان النظامان في المجتمع الفلسطيني اليوم، وهل يملكان القدرة على الوجود والتعايش مع بعضهما البعض في الوقت نفسه؟ وهل ينبغي توصيف هذا الوجود على أنه غير عملي في ظل الأهداف السياسية التي قررتها السلطة الفلسطينية بعد التوقيع على اتفاقيات أوسلو؟ مما لا شك فيه أن هذين النظامين يتسمان "بالتنازع". غير أن هذا التنازع لا يعني انفصالاً تامًا وكاملاً بين نظامين قانونيين، وهو لا يعني الافتقار إلى القدرة على تحقيق التكامل بينهما في نفس النظام السياسي المركزي الذي تعتمده الدولة.
جميل سالم
يمثل روجر كوتيريل (Roger Cotterrell)[i] مرجعية من المرجعيات في حقل دراسات "القانون والمجتمع". وغالباً ما يوظف أبرز كتبه الذي ألفه وهو بعنوان سوسيولوجيا القانون: مقدمة (Sociology of Law: An Introduction) ككتاب مقرر في المناهج التعليمية في دراسات سوسيولوجيا القانون. وتتطرق بعض المقالات المنشورة في دورية القانون والمجتمع (Journal of Law and Society) إلى موضوع نشوء الدراسات الاجتماعية القانونية والعلاقات القائمة بين علم الاجتماع والأفكار القانونية.
يقدم الجزء الأول من سلسلة المقالات حول القانون والمجتمع مراجعة عامة مبدئية لمفهوم القانون والمجتمع في محاولة لتحديد الإطار المعرفي والمفاهيمي والتاريخي للحراك المتعلق بالقانون والمجتمع وحدود تشابكه مع موضوعات أخرى. وفي الأجزاء التالية سيتم تناول بعض المنظرين والنظريات الأساسية التي تتعلق بالقانون والمجتمع سواء منها الكلاسيكية أو التشكلات الحديثة في معالجة القانون والمجتمع.