هدف المؤتمر ضمن الإطار العام له إلى التعريف بالتزامات دول حوض البحر الأبيض المتوسط في المنافسة وذلك ضمن اتفاقيات التعاون المبرمة مع الاتحاد الأوروبي، وإلى التعرف على تطبيقات قواعد المنافسة الأوروبية الموحدة في محكمة العدل الأوروبية، وإلى سياسات وأنظمة دول حوض البحر الأبيض المتوسط، بوجه عام، وفلسطين بوجه خاص، وما هو النموذج المفضل لهذه الدول وخاصة فلسطين لتبني قواعد منافسة في ظل الضعف المؤسساتي، والاقتصادي الحالي.
كما هدف إلى التعريف بأهمية وجدوى وجود قانون للمنافسة في فلسطين، لاسيما أن أحكام اتفاقية الشراكة الأوروبية - المتوسطية الانتقالية للتجارة والتعاون نصت على ضرورة تبني فلسطين قانون منافسة منسجم مع قواعد المنافسة الأوروبية، وتحديد سمات القانون الفلسطيني واستعراض أهم وأفضل الممارسات الدولية التي لا غنى عنها للخروج بقانون عصري.
وقائع الجلسة الافتتاحية:
افتتح المؤتمر د. نبيل قسيس رئيس جامعة بيرزيت، بكلمة رحب فيها بالجميع، وأكد على أن تنظيم المنافسة هو أحد أهم أركان الرقابة على السوق، كما أن اتفاقية الشراكة الأوروبية الفلسطينية تضمنت نصا صريحا يلزم بضرورة وجود قواعد منافسة تتناسب مع ما هو موجود في الاتحاد الأوروبي.
كما تطرق إلى ضرورة أن يتحول النظام الاقتصادي الفلسطيني إلى اقتصاد حر له أركان أساسية في مقدمتها وضع السياسات الملائمة لانضباط السوق واستقراره، وأن تتوافر القواعد والأطر الكفيلة لحماية حقوق أطراف المعاملات الاقتصادية في المجتمع، والذي لن يتأتى إلا من خلال وجود رقابة فعالة على الأسواق، حيث ترتبط كفاءة عمل الأسواق بكفاءة الرقابة عليها.
وأوضح د. قسيس أن تنظيم المنافسة في الأسواق الفلسطينية وحمايتها من الممارسات غير القانونية لم تعد مصلحة وطنية فحسب، بل أصبحت أيضا مطلبا دوليا ضروريا لإنجاح تجارة فلسطين الدولية.
كما رحب السيد توماس برينجر في كلمته الافتتاحية بالجميع، مؤكدا على أهمية الدور الفلسطيني بين جزئي دول حوض البحر الأبيض المتوسط، وأهمية تعزيز هذا الدور من خلال تنظيم إطار وضوابط المنافسة، كما أكد على أهمية التعاون المستمر بين مؤسسة كونراد أديناور ومعهد الحقوق في جامعة بيرزيت إذ أشار إلى تطوير هذا التعاون وتوسيعه لدعم نشاطات معهد الحقوق، والعمل على تعزيز سيادة القانون وتطوير البنية التحتية للنظام القانوني الفلسطيني.
شكر د. سامر الفارس في كلمته الافتتاحية مؤسسة كونراد أديناور على دعمها المتواصل لمعهد الحقوق، وأشار إلى أن هذا المؤتمر هو جزء من سلسلة من اللقاءات التي يجريها معهد الحقوق والجامعة بالتعاون مع مؤسسة كونراد أديناور لتعزيز وتفعيل دور اتفاقية الشراكة الأوروبية الفلسطينية.
وقائع الجلسة الأولى:
ترأس الجلسة الأولى د. كميل منصور وهي بعنوان " قواعد المنافسة الأوروبية ومنطقة دول حوض البحر الأبيض المتوسط"، عرض في البداية د. سمير عبد الله محاضرته التي كانت بعنوان " الإصلاح الاقتصادي، وبيئة التجارة الخارجية الفلسطينية، الواقع، ومتطلبات المستقبل" تناول فيها:
- معطيات عن الاقتصاد الفلسطيني التحديات الرئيسية وأولويات الإصلاح والاصلاح الاقتصادي.
- أهمية التجارة الخارجية.
- المحددات الرئيسية والاتفاقات التجارية الفلسطينية مع الدول الأخرى.
- إطار التجارة الخارجية قبل اتفاقية أوسلو.
- اتفاقية (بروتوكول) باريس.
- الشراكة الأوروبية - المتوسطية.
- الدول العربية .
- الولايات المتحدة ومناطق التجارة الحرة الأخرى
كما استعرض التحديات التي تواجه الاقتصاد الفلسطيني ومنها الإجراءات الإسرائيلية، والقيود الإدارية الإسرائيلية على حركة التجارة الخارجية الفلسطينية وأكد على أولويات الإصلاح الاقتصادي من خلال إعادة هيكلة وتحديث القطاع الصناعي، والعمل على تكملة الإصلاح الاقتصادي بإصلاح قانوني من خلال تشريع اقتصادي منسجم مع أفضل الممارسات الدولية والواقع الفلسطيني.
في الورقة الثانية استعرض د. إيف مونتاني أهم المشاكل التي واجهتها بلجيكا لتفعيل قواعد المنافسة، ومحاولاتها الحثيثة لإدخال الرقابة على الدمج بين الشركات وإنشاء مجالس للمنافسة تراقب الاندماج ومنع الاحتكارات، إلا أن هذه المجالس تعاني من مشاكل كثيرة منها ضعف الإمكانيات المادية. وخلص المحاضر ‘إلى أن تبني قواعد المنافسة هو أمر سهل ولكن تفعيلها أمر أصعب.
في العرض الثالث، تناولت المحاضرة كاتيكا كوملوس الأركان الأساسية لقواعد الاتحاد الأوروبي في المنافسة والتي تقوم على منع الاحتكار، وتنظيم الاندماج، والحماية من الشركات المهيمنة، والمساعدات الحكومية وأهمية هذه القواعد للاقتصاد وحماية المستهلك أيضا كما تطرقت للمشاكل التي تعاني منها سلطة المنافسة الألمانية في تطبيق القانون الأوروبي.
كما تناول د. عادل الزاغة في ورقته بعنوان " هل فلسطين بحاجة إلى قوانين منافسة؟ جملة من الأسباب والمبررات والمعيقات أمام وجود قانون للمنافسة في فلسطين أهمها أسباب تدخل الحكومة في الاقتصاد، والعوامل الداخلية والخارجية المؤثرة في الاقتصاد الفلسطيني، كما تعرض لقواعد المنافسة والكفاءة الاقتصادية متعرضاً لأهم سمات المنافسة الكاملة، وقد خلصت المحاضرة إلى جملة من النقاط أهمها ضرورة وجود الاحتكارات في بعض الأحيان.
وفي النقاش، تركزت المداخلات والأسئلة على جدوى أن يكون الجهاز الرقابي على المنافسة جهازا إداريا وليس قضائيا، ومن الضروري أن يكون هناك قانون منافسة في فلسطين، وأن وضع السياسة التنافسية يجب أن يكون ضمن خطة إصلاحية شاملة.
وقائع الجلسة الثانية:
ترأس الجلسة الثانية د. فراس ملحم، حيث عرضت أربعة محاضرات تحدث بداية غسان عمايرة من وزارة الاقتصاد الوطني عن جهود وزارة الاقتصاد في تنظيم المنافسة " وأين تقف الوزارة من تطوير قواعد للمنافسة، لاسيما في ظل غياب قانون موحد للمنافسة، وهل سيسبب هذا الوضع مشاكل لفلسطين مع شركائها في اتفاقيات التجارة العالمية، وهل فلسطين بحاجة فعلا لتطوير سياسة للمنافسة، على الرغم أن اتفاق باريس لم يشر إلى هذا الموضوع مطلقا، وتطرق إلى الآليات التي أبدتها الوزارة في إعداد مشروع قانون منافسة فلسطيني، وتنظيم أحكام المنافسة في السوق.
تحدث في العرض الثاني د. باسم مكحول، ضمن رؤيته النقدية لمشروع قانون المنافسة الفلسطيني، وتحدث عن إشكالية جوهرية وأساسية تتعلق بنسخة المشروع، لوجود أكثر من نسخة من المشروع لدى المجلس التشريعي، ولدى الجهات الأخرى، وتحدث عن تقاطع هذا القانون مع قانون حماية المستهلك، والامتيازات، والشركات، والملكية الفكرية، وغيرها ، ومن هنا تنبع أهميته، وعرض الثغرات والنواقص الكثيرة في هذا المشروع.
أما د. أمين دواس ومن خلال عرضه بعنوان " مدى انسجام مشروع قانون المنافسة الفلسطيني للمعايير الدولية" ركز على أن مشروع قانون المنافسة الحالي وبنسختيه، لم يصل ولم يحقق ما تتطلبه المعايير الدولية بهذا الخصوص، وتطرق إلى الثغرات والنواقص في المشروع، وقدم بعض الحلول والتوصيات منها أن يكون الجهاز الإداري للجنة المنافسة من خارج الوزارة، وأن يكون هناك محكمة متخصصة، أعضاؤها اقتصاديين وليس قضاة.
في العرض الأخير قدم د. سامر الفارس مدير معهد الحقوق عرضا بعنوان "تأثير قواعد الاتحاد الأوروبي في المنافسة على النظام القانوني الفلسطيني" مركزا على مصدر التأثير وهي المادة (30) من اتفاق الشراكة الأوروبية المتوسطية، وعلاقتها بالمواد (81، 82،87) من معاهدة الاتحاد الأوروبي الموحدة، وماذا يعني نص المادة (30) وهل له أي تأثير مباشر، وتأثيره على النظام القانوني الفلسطيني، وأهمية وجود مؤسسة وطنية فلسطينية للمنافسة، ودور المحاكم الفلسطينية في تطبيق قواعد المنافسة الأوروبية الموحدة.
وفي النقاش أثار الحاضرون، أنه من الضروري أن يكون هناك قانون منافسة مرن وبسيط، كما أن الاقتصاد الفلسطيني تحول إلى اقتصاد احتكاري والسبب هو المماطلة في إقرار القانون من قبل المجلس التشريعي، وأن يكون هناك مرونة عند سن القانون لتشجيع الاندماج ومنع الاحتكار.
توصيات ونتائج المؤتمر :
- أهمية وضرورة إصدار قانون للمنافسة في فلسطين لأنه واحد من الأسس الاقتصادية للنظام الاقتصادي في البلد.
- ضرورة مراجعة رزمة القوانين المنظمة للاقتصاد الفلسطيني قبل الحديث عن ضرورة وجود قانون للمنافسة.
- الخروج بورقة بالملاحظات للمجلس التشريعي والجهات المعنية على بنود وأحكام مشروع قانون المنافسة.
- مراعاة الخصوصية للواقع الاقتصادي الفلسطيني عند وضع أو اقتراح أي تنظيم في أي مجال من مجالاته.