لبنان: اللاجئون الفلسطينيون ضحايا غياب الاستشفاء الملائم
ورقة بحثية أعدتها "المنظمة الفلسطينية لحقوق الانسان (حقوق) - لبنان": تشير إلى الاشكاليات التي تواجه اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في لبنان، واللاجئين الفلسطينيين الفارين من سوريا، ضحايا غياب الاستشفاء الملائم
لبنان: اللاجئون الفلسطينيون ضحايا غياب الاستشفاء الملائم
جرت العادة أن ترصد وتتابع "المنظمة الفلسطينية لحقوق الإنسان" (حقوق) معتمدة على نشطائها، انتهاكات حقوق اللاجئين الفلسطينيين، لاسيما في لبنان، ومن بينها أزمة الطبابة والاستشفاء التي يعاني منها اللاجئون الفلسطينيون المقيمون أساساً في لبنان وكذلك اللاجئون الفلسطينيون الفارون من آتون الحرب في سوريا، على حد سواء؛ وهي اليوم تواجه أزمة من هذا النوع يعانيها أحد نشطائها معاذ أبو العلا (البالغ من العمر 29 عاماً، وهو من لاجئي سوريا الفسلطينيين) الذي رصد/وثق كثيراً من الانتهاكات بحق اللاجئين الفلسطينيين السوريين والتى شكلت نواة للكثير من تقارير/أوراق الموقف التي أصدرتها "حقوق" مؤخراً، وهو الآن في العناية الفائقة في إحدى مستشفيات صيدا بعد أن تفاقم وضعه على مدى خمسة أشهر ونصف وكاد أن يخسر حياته بسبب التشخيص الخاطئ لحالته الصحية في مستشفيات غير مؤهلة تُحول وكالة غوث وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى (الأونروا) اللاجئين الفلسطينيين إليها.
ربما، ما ساعد معاذ أبو العلا وبشكل جزئي عضويته في "حقوق"، التي، وعلى الرغم من عراقتها في العمل في مجال حقوق الإنسان للاجئين الفلسطينيين في لبنان، وعلاقاتها مع كل الأطراف ذات الصلّة بقضايا اللاجئين الفلسطينيين، لاقت صعوبات جمّة في تدبير أمر تأمين سرير له في قسم العناية الفائقة في مركز لبيب الطبي في صيدا، لأن هذا المستشفى يطلب تأميناً مالياً إضافياً فوق تحويل "الأونروا"، وهو مبلغ يفوق كثيراً المساهمة، الضئيلة، التي تقدمها منظمة التحرير الفلسطينية، ولولا اتصالات "حقوق" وتولي عائلته جمع مبلغ من المال، لكان معاذ ربما، لا سمح الله، في عداد الأموات، لاسيما وأن معاذ مصاب بمرض كان يستدعي تدخل جراحي قبل تفاقم وضعه، إلا أن وضعه الحرج الآن يتطلب علاجاً وعناية مشددة قبل الجراحة التي تحتاج إلى أخصائيين وتقنيات طبية وإمكانيات مادية كبيرة ليس بمقدور العائلة و"حقوق"، التي تعاني أزمة مالية خانقة بسبب شح التمويل، تحملها.
وإن كان المطلوب اليوم وبشكل طارئ إيجاد حلٍ لتأمين العلاج اللازم لـ معاذ، إلا ان هذه المشكلة هي مشكلة عامة وبحاجة الى مقاربة جديّة وحلول جذرية، حيث لا يكاد يمر يوم من دون أن يعاني مريض فلسطيني لاجئ الأمر ذاته في أحد المستشفيات على امتداد مساحة لبنان، ولا يمر وقت طويل حتى يُتوفى لاجئ فلسطيني في منزله لأنه لا يملك التأمين المادي الكافي لدخول مستشفى مؤهل، أو يُتوفى على سرير في مستشفى غير مؤهل، لأن مرضه لم يتم تشخيصه بشكل صحيح، و/أو أنه لم يتلق العلاج الملائم لمرضه، ناهيك عن سوء إدارة الموارد والامكانيات المتاحة وغياب الرقابة والمساءلة الجديّة مما يعرض المرضى لسوء المعاملة والاستغلال. وسوف تصدر "حقوق" تقريراً تفصيلياً بشآن حال الاستشفاء للاجئين الفلسطينيين في لبنان.
وهنا يتوجب التذكير، بأن الحق في الصحة هو حق غير قابل للتصرف وفق الشرعة الدولية لحقوق الإنسان، ويتوجب على الدول أن تكفله، وقد نصت على ذلك الفقرة 1 من المادة ١٥ من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمادة 12/1 و المادة 12/2 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وورد الحق في الصحة في المادة 5 من الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري لسنة ١٩٦٥، وفي المادتين 11 و12 مـن اتفاقيـة القضـاء عـلى جميع أشكال التمييز ضد المرأة لسنة ١٩٧٩، وفي المادة ٢٤ من اتفاقية حقوق الطفـل لسنة ١٩٨٩، كمـا يُعـترف بـالحق في الصـحة في عـدد من صكوك حقوق الإنسـان الإقلـيمية.
تكرر "حقوق" اليوم، ما سبق أن أكدته، وأكدته أيضاً الكثير من الهيئات والمؤسسات والمنظمات المتابعة لقضايا اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، لجهة ضرورة تحمل الأطراف المسؤولة واجباتها على النحو التالي:
1. الأونروا كوكالة تابعة للأمم المتحدة مسؤولة عن إغاثة لاجئي فلسطين: تحييد المفاصل الأساسية ذات الصلة بحياة اللاجئين الفلسطينيين، عن تقليصاتها، ولا سيما الصحّة التي عملت على تقليصها شيئاً فشيئاً، بسبب عدم كفاية التمويل حتى بلغت اليوم حداً أدنى، وقد تكون في طريقها إلى الزوال، والعمل الجدي على إعادة مساهمتها في هذا المجال إلى ما كانت عليه إذ إن الأونروا كانت تضمن الطبابة والاستشفاء بنسبة 100/100 في مستشفيات لبنان، وإنه من مسؤولية المجتمع الدولي تأمين كل الاحتياجات الحياتية للاجئين الفلسطينيين، وهو المسؤول عن كونهم لاجئين، إلى أن تجد مسألة اللاجئين حلاً واقعياً ومستداماً.
2. منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي للفلسطينيين: العودة إلى تحمل مسؤوليتها كاملة تجاه اللاجئين الفلسطينيين خصوصاً في لبنان وسوريا لاسيما في مجال الطبابة والاستشفاء وإعادة الاعتبار إلى مستشفيات الهلال الأحمر وعياداتها وإعادة تأهيلها لتقديم الخدمات الطبية اللائقة ومراقبة جديّة لنوعية الخدمات المقدمة وحُسن إستغلال الموارد المتاحة، ما من شأنه تحسين تقديمات مؤسسة الضمان الصحي الفلسطيني على أن يستفيد منها كل اللاجئين من دون استثناء وبعدالة ومساواة.
3. الفصائل الوطنية والإسلامية الفلسطينية: التكفل التام بطبابة وإستشفاء عناصرها على نفقتها من أجل تخفيف الأعباء عن الأونروا ليتسنى لها تحسين الرعاية الصحية والاستشفاء، كما يتوجب عليها المساهمة في صناديق المساعدة الصحية للاجئين ممن هم ليسوا من عناصرها.
4. هيئات المجتمع الأهلي والمدني، لاسيما العاملة في المجال تقديم الخدمات الصحية و/أو المساعدات في الوسط الفلسطيني: التنسيق الجدي فيما بينها ومع الأونروا ومنظمة التحرير، وتوحيد الجهود عبر إنشاء صندوق مساعدات مشترك بآلية عمل ومعايير شفافة يتم التعاطي بها مع مختلف الحالات بمقاربة حقوقية، من شأنها تخفيف النفقات وزيادة قيمة المساعدات المقدمة بما يحفظ كرامة الإنسان.
5. حاملي الجنسيات الأجنبية من لاجئي فلسطين في لبنان: عدم مزاحمة اللاجئين على تقديمات وخدمات الأونروا لاسيما الصحية منها، خصوصاً من يمكنه الاستفادة من الضمانات الصحية والاجتماعية التي تؤمنها الدول الحاملين جنسيتها.
6. الدولة المضيفة لبنان: أن تتحمل مسؤولياتها تجاه اللاجئين الفلسطينين على أراضيها وبالتالي لزاماً عليها أن تضع – بالتنسيق والتعاون مع الأونروا و منظمة التحرير الفلسطينية – نظاماً صحياً استشفائياً ملائماً للاجئين الفلسطينيين وممارسة سيادتها في حمايتهم من إستغلال حالة استضعافهم وخاصة في المجال الصحي.